ولاية بن عروس 16 جويلية 2025 | من جديد.. إصابة عاملات فلاحيات إثر انقلاب شاحنة |
بكل اسف، نكتب عن حادث مرور أليم ومأساوي ومتكرر، هزّ هذه المرة منطقة القنة من معتمدية مرناق خاصة وكل تونس عامة. هذه الفاجعة الأليمة المتكررة والمتجددة تضيف فصلاً جديدًا إلى سلسلة مآسي النقل غير الآمن، ليطرح السؤال الأبدي: متى تتحرك الجهات المعنية لوقف هذا النزيف؟
كل ما يحدث في هذا الكون، سواء كان خيرًا أو شرًا، هو بقضاء الله وقدره. ومع ذلك، فإن هذا لا يعني التقاعس عن العمل، بل على العكس، يجب أن نسعى ونبذل قصارى جهدنا، مع الأخذ بالأسباب.
وهذه الفاجعة والواقعة الأليمة والمأساوية تفتح باب التساؤلات: متى تتوقف مأساة عاملات الفلاحة في تونس؟ هل تساءلت يومًا عن الثمن الذي تدفعه عاملات الفلاحة في تونس لكي يصل طعامك اليومي إلى مائدتك؟ ماذا لو علمت أن كل رحلة إلى الحقول قد تكون الأخيرة؟
لماذا تتحوّل الطريق إلى العمل بالنسبة للعاملات الفلاحيات إلى طريق موت؟ وكيف ما تزال شاحنات مهترئة تنقل نساء يكدحن لإعالة أسرهن، في ظل صمت الجهات المعنية؟ وهل صار الحادث قدَرًا لا مفرّ منه للعاملات في القطاع الفلاحي؟
حادث مأساوي يعيد تسليط الضوء على معاناة مستمرة
صباح اليوم الأربعاء، 16 جويلية 2025، شهدت منطقة القنة بمعتمدية مرناق من ولاية بن عروس حادثًا أليمًا بانقلاب شاحنة خفيفة كانت تقل عددًا من عاملات الفلاحة.
أسفر الحادث عن إصابة العديد منهن بجروح متفاوتة الخطورة، حيث تم نقل 6 عاملات إلى مستشفى الحروق والإصابات البليغة ببن عروس، ووضعهم الصحي مستقر حاليًا، وفق ما أفاد به المدير الجهوي للصحة، فرحات زهمول.
وأفاد المصدر ذاته بأن عاملات أخريات أصبن في نفس الحادثة (دون ذكر عدد محدد)، قد تم نقلهن إلى مستشفيي الرابطة وشارل نيكول بالعاصمة.
هذا الحادث ليس مجرد رقم جديد في إحصائيات حوادث الطرقات، بل هو صرخة مدوية تعكس واقعًا مريرًا تواجهه آلاف النساء يوميًا.
وسائل نقل لا تحترم حياة البشر
مرة أخرى، يسلّط هذا الحادث الأليم الضوء على الظروف المأساوية التي تُنقل فيها العاملات الفلاحيات يوميًا.
شاحنات خفيفة، لا تتوفّر فيها أبسط شروط السلامة، تقل نساءً يضطررن للعمل لإعالة أسرهن، وسط غياب الرقابة الصارمة وتطبيق القوانين المتعلقة بالنقل الآمن لهذه الفئة الهشّة.
ويتساءل كثيرون: إلى متى يظل هذا الملف حبيس الوعود والبيانات الرسمية دون إجراءات ملموسة تضع حدًا لهذه المأساة المتكررة؟
تجاهل متواصل لملف حيوي
يتكرر هذا المشهد المؤلم بشكل يكاد يكون يوميًا في تونس، حيث تستمر وسائل النقل غير الآمنة في حصد أرواح وسلامة عاملات يعلن أسرهن في ظروف صعبة.
على الرغم من التحذيرات المتكررة والدعوات الملحة من المجتمع المدني، ما زال هناك تقاعس عن اتخاذ إجراءات حقيقية وفعالة.
لا قوانين تُطبق بصرامة، ولا محاسبة للمخالفين، ولا بدائل نقل آمنة متوفرة. هل يمكن أن نتجاهل أكثر من ذلك حجم المأساة التي تتعرض لها هذه الفئة الهشة من المجتمع؟
وعود جوفاء وكرامة مهدرة
طالما سمعنا وعودًا بتوفير التغطية الاجتماعية لعاملات الفلاحة وبإصلاحات هيكلية تضمن كرامتهن وسلامتهن. ولكن، متى ستتحول هذه الوعود إلى واقع ملموس؟ لماذا تتحمل النساء الفقيرات وحدهن ثمن الإهمال والفساد؟
إن ما يحدث ليس محض حوادث عرضية، بل هو نتيجة مباشرة لتخلي السلط المعنية عن مسؤولياتها تجاه نساء يعملن بجد ويكدن في صمت، ليدفعن أغلى الأثمان على طرقات الموت.
السلط المعنية والملف المنسي
رغم تكرار مثل هذه الحوادث في مختلف جهات البلاد، ما يزال الملف عالقًا دون حلول جذرية. العاملات الفلاحيات يواصلن دفع ثمن الفقر والتهميش بسيارات وشاحنات غير مهيأة، بلا تأمين ولا تغطية اجتماعية كافية، في ظل غياب محاسبة صارمة للمخالفين.
ويعتبر مراقبون أن ما يحدث ليس حوادث معزولة، بل نتيجة مباشرة لغياب إرادة سياسية قوية تُلزم أصحاب وسائل النقل باحترام سلامة العاملات وظروف نقلهن.
صرخة العاملات: كفى موتًا على الطرقات
يتواصل الغضب الشعبي على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث عبّر مواطنون ونشطاء عن استيائهم الشديد من تكرار نفس السيناريو المأساوي، داعين إلى تحرّك عاجل يضمن حق العاملات الفلاحيات في النقل الآمن.
فهل تتحرك الجهات المعنية هذه المرة فعلًا لوضع حد لهذه المأساة؟ أم أنّ أرواح النساء الفقيرات ستظلّ تُزهق على طرقات الموت بلا حسيب ولا رقيب؟
ختاما: متى يتحرك الضمير؟
إلى متى يظل نقل العاملات الفلاحيات في تونس مجرّد قضية تُطرح بعد كل حادث ثم تُنسى؟ وهل نشهد في القريب حلولًا فعلية تحفظ أرواحهن وكرامتهن؟ وما هي مسؤولية السلط المعنية والمجتمع في حماية هذه الفئة التي تزرع الحياة، لكنها تحصد الألم كل يوم؟
إلى متى سيستمر هذا المسلسل الحزين الذي لا يبدو أن له نهاية؟ كم روحًا يجب أن تُزهق وكم جسدًا يجب أن يُسحق حتى يتحرك الضمير الحي في هذا الوطن؟
هل من المعقول أن تُنقل نساء يكدحن لإعالة أسرهن في شاحنات غير مهيأة، بلا تأمين، وبلا أدنى احترام لكرامتهن الإنسانية؟ ألن تطبق قوانين النقل الآمن للعاملات الفلاحيات وتُحاسب كل من يستهتر بأرواحهن؟
كفى تهميشًا، وكفى استهانة بكرامة نساء تونس المناضلات في الحقول! متى ستصبح سلامتهن وكرامتهن أولوية حقيقية؟
تعليقات
إرسال تعليق